طريقة وصول المرويات إلينا (المقال المفصَّل)
اليوم بعون الله وفضله سوف نقدم المقال المفصَّل لموضوعنا الأول ضمن سلسلة المقالات التي سنغطي فيها موضوع وضع قواعد منهجية التعامل مع المرويات .... واستسمح المتابعين عذراً إن أطلت المقدمة لأنه يدخل على صفحتنا كل يوم مئات من المتابعين الجدد وغالباً ما تكون الأمور غير واضحة لديهم، ولا يفهمون لماذا أنا أتناول موضوع أي مقال يدخلون عليه لأنهم لم يكونوا معنا من البداية ليعرفوا أننا نسير ضمن مسار وخطة دراسة.
المهم أننا نعمل ضمن مشروع كامل لنشر السعادة والوصول لفهم أفضل لأنفسنا وما حولنا ليدوم في قلوبنا شعور #السعادة والرضا، وتعمر قلوبنا بالفرحة والأمل. ولأنَّ أكبر وأهم مصدر لسعادة الدنيا والآخرة هو كلام ربنا، فقد بدأنا رحلتنا بفهم أفضل للقرآن وللدين عموماً؛ لأنه أكبر مؤثر في حياة المسلمين عموماً ولإيماننا العميق بأن بؤس المسلمين وحالتهم المزرية تعود أساساً لوجود حواجز بينهم و بين القرآن. فكان لابد من وضع قواعد لمنهجية تدبر القرآن، وهو الأمر الذي انتهينا منه.
ولقد بدأنا بالأمس رحلتنا نحو المحطة الثانية وهي وضع قواعد منهجية للتعامل مع المرويات التي تشمل الحديث والسيرة وغيرها من الآثار التي وصلتنا. فهناك خلط وتخبط في التعامل مع الروايات سببه يرجع في الأساس لأسباب سياسية منذ عهد ما بعد وفاة النبي إلى يومنا هذا، وهو الأمر الذي خلق حواجز بيننا وبين القرآن لأن كل آية تم إلصاقها برواية لتفسيرها بشكل يخدم توجهات هذا المذهب أو تلك الفرقة. ولأن الأمر بدأ منذ قرون طويلة، فقد صار هذا الحاجز بيننا وبين القرآن شيء من الدين وأساس لفهم القرآن وهو الأمر الذي نحن قد بدأنا بالفعل التباحث في وضع قواعد منهجية للتعامل معه.
لنعود الآن لموضوعنا. فكما ذكرنا نحن اليوم بصدد تقديم المقال المفصَّل لموضوع طريقة وصول المرويات إلينا، وهذا الموضوع محوري وأساسي ويمثل حجر الأساس لعملية رسم قواعد منهجية التعامل مع الروايات، فما سنقدمه هنا من حقائق ربما يكون تقديمها وتوضيحها أحد أهم الخطوات لرؤية الصورة الحقيقية للأزمة التي يعاني منها العقل المسلم.
تكمن أهمية الأمر في أنَّ الغالبية العظمى من المسلمين، وربما لا أبالغ إذا قلت أن أكثر من 99% من المسلمين لا يعرف أغلب هذه الحقائق إن لم يكن كلها. ولاحظوا أنني كررت استخدام مصطلح "حقائق" لأني أعني كل حرف في هذه الكلمة.
فالنقاط التالية التي تلخص بعض الحقائق عن طريق وصول الروايات إلينا هي ثابتة مقطوع بثبوتها وليست محل خلاف لا بين الأولين ولا بين الآخرين. ولأن هناك قلة من المعترضين لا يعجبهم أن نستخدم عقولنا ويريدوننا أن نقلد مثلهم تقليداً أعمى، فنرجو من أي معترض على أي نقطة من النقاط التالية أن يتفضل مشكوراً و يقدم لنا الدليل العلمي الواضح على بطلان أي من الحقائق التي سنذكرها في نقاط الآن:
- فيما يخص الأحاديث التي تُروى عن النبي عليه الصلاة والسلام، فهي مروية كلها على بكرة أبيها بسند. هذا السند هو عبارة عن شخص حي يروي حديث سمعه عن شخص ميّت زمن كان من الأحياء. هذا الميّت سمع الرواية من ميِّت زمن كان كلاهما من الأحياء، وذاك الميت سمع من ميت وهكذا دواليك. أي أن أي حديث هو عبارة عن شخص حي ذكر روايته عن سلسلة من الأموات حتى وصل لأحد أصحاب النبي الذي روى الحديث عن النبي زمن حياتهما.
أهمية هذه النقطة هي عند تقديمها، فإنها تصحح الفكرة المغلوطة في أذهان الغالبية العظمى من المسلمين والذين يعتقد أغلبهم أنَّ الأحاديث مروية من حي لحي لحي آخر. يعتقدون أنَّ الروايات وصلتنا مثلها مثل الصلاة التي تعلمها أصحاب النبي عنه زمن حياة النبي، ثم تعلمها جمع الجيل الثاني من جمع أصحاب النبي زمن حياة أصحاب النبي، وجمع الجيل الثالث تعلمها من جمع الجيل الثاني زمن حياة الجيل الثاني، والرابع من الثالث زمن حياتهم و هكذا دواليك حتى وصلتنا الصلاة وصليناها جمعاً من الأحياء عن جمعٍ من الأحياء.
فالصلاة وصلت من حي لحي لحي إلى أن وصلتنا نحن الأحياء دون انقطاع، ولكن هذا ليس هو الحال بالنسبة للروايات. فهي كلها رواية رواية منقطعة، ورواها حي عن ميت عن ميت عن ميت. فكل الروايات رواية رواية ..... رواية رواية .... بدون استثناء، كلها عبارة عن رواية لسلسلة تبدأ من شخص حي يتبعه مجموعة من الأموات زمن التدوين.
الأهم هو أن الغالبية العظمى الساحقة من الروايات لم يرويها جمع أحياء عن جمع أحياء و إنما فرد آحاد يروي لفرد آحاد من الأموات عن فرد آحاد من الأموات.
- لا يوجد أي كتاب كتبه أحد أصحاب النبي دوَن فيه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا يوجد على الإطلاق.
حتى من يدَّعي بوجود كتاب لأحد أصحاب النبي كتب فيه أحاديث النبي، أي أن الجيل الأول كله مات دون أن يترك ولو كتاب واحد وصل للجيل الثاني.
لا يوجد في الأولين ولا في الآخرين حتى من يدعي أن أي من أصحاب النبي ترك كتاباً للحديث وصل إليه الناس من بعده. وهذا يتسق مع، ويفسر حقيقة أنَّ كل الروايات بأسانيد لسلسلة من الرواة لا تقل عن ثلاثة لعدم وجود أي تدوين من الجيل الأول.
فعدم وصول أي نسخة تدوين على الإطلاق لأي من أصحاب النبي لأحاديث النبي يفسر الحقيقة (أ)، والتي تقول أنَّ كل رواية تحتاج لسند من الرواة.
عدم تدوين أصحاب النبي لأحاديثه سبَّب انقطاع في الروايات وهو السبب الرئيسي وراء الحاجة لوجود سند لكل الروايات بدون استثناء. ورغم وجود روايات تقول أنَّ بعض أصحاب النبي كان لديهم مدونات، إلا أنَّ الواقع يُكذِّب هذه الروايات التي هي في الأصل روايات آحاد ظنيَّة. والظني لا يصح أن يقوم بذاته كدليل لإثبات شيء أو نفيه.
عموماً فكما ذكرنا فإنَّ روايات الآحاد القليلة التي تدعي أنَّ بعض أصحاب النبي كان لهم مدونات حديث، هذه الروايات لا تصح لسببين:
الأول: أنه لا يوجد بالمطلق أي جامع لأحاديث رسول الله كتب حديث سنده رجل واحد وهو أحد أصحاب النبي فقط. هذا لا يوجد بالمطلق ما يعني أنه لم يصل لأي جيل من أجيال المسلمين بما فيهم جيل التابعين مدونة حديث كتبها أحد أصحاب النبي.
الثاني: أنه لو كان تدوين الحديث عملاً جائزاً، لقام جمع من أصحاب النبي بتدوين الحديث وليس فرداً أو اثنين. ولأن أصحاب النبي كانوا يعرفون التدوين والجمع، فلو كان بالفعل مسموح لهم تدوين الحديث، لدونه جمع من أصحاب النبي والذي سيؤدي بكل تأكيد لوصول هذه المدونات المتعددة لجيل التابعين والذين بدورهم سينقلونها إلى الجيل التالي وهو الأمر الذي سينتج عنه في النهاية وجود أحاديث لا يوجد في سندها إلا أحد أصحاب الرسول. وهو الأمر غير الموجود بالمطلق.
لا يوجد رواية سندها يحتوي على شخص واحد فقط. بالمطلق الأكيد.
ج) منْع النبي أصحابه من كتابة أحاديثه، هذا المنع لا يثبت عندي بالرواية كوننا لم ننتهي من وضع قواعد منهجية للتعامل مع الروايات، لكن تظل الرواية حجة على من منهجه الأخذ بالروايات خاصة لو كانت في كتاب البخاري أو مسلم. فهناك رواية في كتاب صحيح مسلم تقول أنَّ النبي نهى أصحابه عن كتابة الحديث.
منع النبي لكتابة الحديث ثابت عندي ليس عن طريق الرواية كما ذكرت، وإنما يثبت عندي بالواقع الماثل أمامنا. فالواقع الذي أمامنا ليس فيه أي كتاب لأي من أصحاب النبي دوَّن فيه أحاديثه، بالإضافة لحقيقة أنَّ كل الأحاديث (كلها على بكرة أبيها) لها سلسلة سند بها مجموعة من الرواة ما يعني أنه بالفعل لم يكن ولا يوجد أي كتاب حديث كتبه أصحاب النبي والذين يمثلون الجيل الأول.
منع النبي لكتابة الحديث ثابت عندي ليس عن طريق الرواية كما ذكرت، وإنما يثبت عندي بالواقع الماثل أمامنا. فالواقع الذي أمامنا ليس فيه أي كتاب لأي من أصحاب النبي دوَّن فيه أحاديثه، بالإضافة لحقيقة أنَّ كل الأحاديث (كلها على بكرة أبيها) لها سلسلة سند بها مجموعة من الرواة ما يعني أنه بالفعل لم يكن ولا يوجد أي كتاب حديث كتبه أصحاب النبي والذين يمثلون الجيل الأول.
لو كانت كتابة الحديث جائزة أو كما يدعي البعض أنَّ النبي أجازها بعد المنع، لقام جمع من أصحاب النبي بالتدوين، لكنهم لم يفعلوا كما بيَّنا في النقطة السابقة. وفي كل الأحوال الغالبية العظمى من المسلمين لا يعرفون بوجود رواية في كتاب صحيح مسلم ينهى فيها النبي أصحابه عن تدوين الأحاديث وهي من الحقائق الغائبة عن أذهان معظم المسلمين التي يجب عليهم أن يعرفوها.
د) أصحاب النبي والذين يمثلون الجيل الأول، لم يكونوا عاجزين عن تدوين الأحاديث لأسباب تقنية كقلة خبرة أو عدم قدرة، فهم أثبتوا أن لديهم قدرة عظيمة على الجمع والتدوين.
لقد تجلت قدرة جيل أصحاب النبي على الجمع التدوين والكتابة في أن هذا الجيل لم يمت وينتهي إلا بعد أن قام بعمل رائع تم من خلاله جمع وتدوين القرآن، مما يعني أنهم لا يعرفون الجمع والتدوين فقط، وبل مبدعون في القيام بهما.
وبالتالي يمكن الخلوص إلى أنَّ الجيل الأول يعرف كيف يكون الجمع و التدوين، إلا أنهم لم يدونوا شيء من حديث رسول الله، مما يعزز فكرة الرواية التي تقول أن النبي نهى بالفعل أصحابه عن كتابة حديثه.
هـ) أول محاولة لتدوين الحديث حصلت تقريباً بعد مائة عام من وفاة النبي، أما أهم وأكثر كتب الحديث شيوعاً، فقد تم كتابتها بعد حوالي مائتي عام من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. هذه المعلومة بالذات لا يعرفها كثير من عامة المسلمين ولا يعرفون أنَّ الغالبية العظمى من الأحاديث النبوية التي يسمعونها ويعرفونها ويقرأونها تمت كتابتها بعد قرون من وفاة النبي. أي أنَّ الانقطاع بين قول النبي لأحاديثه وبين تدوينها في كتب يصل لفترة زمنية
ما بين مائتي إلى مائتي وخمسون سنة بعد وفاة النبي.
للأسف هذه الحقيقة الجوهرية المهمة لا يعرفها الغالبية الكاسحة من المسلمين، وكثير منهم يتصور أنَّ البخاري ومسلم والترمذي ابن ماجة وغيرهم من جامعي الحديث عاشوا في زمن قريب من عهد النبي وأنه لا تفصلهم عن النبي سوى سنوات بسيطة.
لكنَّ الحقيقة هي أنَّ الفاصل بين البخاري ومسلم وابن ماجة والترمذي النسائي وأبو داوود، وبين عهد النبي يصل لقرون، ما بين 200 إلى 250 سنة هو ما يفصل بين جامعي الروايات المشاهير وبين زمن حصول الروايات نفسها.
وأهمية هذه النقطة تكمن في أنها السبب الرئيسي وراء وضع السلف والخلف لكل روايات الحديث تحت تصنيف "ظنيّ الثبوت".
و) ما يسمونه العصر الذهبي لتدوين الحديث، كان أسوء فترة مرت على المسلمين من ناحية اختلاق الأحاديث وتأليفها ونسبها لرسول الله كذباً عليه.
فعصر البخاري ومسلم وكل أصحاب الكتب الستة، كان يعج بالأحاديث المكذوبة على رسول الله، لدرجة أنَّ البخاري نفسه كتب في مقدمة كتابه أشياء نستشف منها أنه من بين كل 100 حديث متداول في حينه لا يمكن الوثوق في 99 منها.
ولو حسبنا الأمر بدقة أكثر، فإنَّ نسبة ما يمكن الوثوق به من الأحاديث في ذلك العصر كانت أقل من %0.5. فالبخاري قد دون فقط ما يقارب الـ 6,000 حديث من بين 600,000 علم بهم، ونصف ما دونه تقريباً كان مكرر بين ـبواب كتابه. تخيلوا أن كل 100 حديث منتشر في عصر التدوين كان من الصعب الوثوق في 99 منه.
وهذه أيضاً حقيقة مهمة لأنَّ عامة المسلمين وأغلبيتهم الكاسحة لديهم صورة وردية غير صحيحة عن أنَّ القرن الثالث الهجري كان عصراً ذهبياً في تدوين الأحاديث، في حين أنَّ الحقيقة التي وردت في كتب المدونين أنفسهم، مثل البخاري، يعترفون بكل وضوح وصراحة أنَّ الكذب على رسول الله كان تجارة رائجة جداً، وأنَّ الأحاديث المختلقة والموضوعة هي أضعاف أضعاف تلك الأحاديث التي يرى المدونين أنها صحيحة.
ز) آلية جمع الحديث وتدوينه كانت بدائية وبسيطة جداً عكس ما يتصور عامة المسلمين بأنها كانت عملية علمية معقدة. فهي ببساطة تتلخص في أن يسافر جامع الحديث لشهر أو اثنين، أو ربما عدة أشهر حسب بُعد المكان، على ظهور الجمال ليلتقي بمن قيل أنه يحفظ حديث منسوب لرسول الله.
فمثلاً يذهب البخاري لبلد ما لا يعيش فيه البخاري نفسه ولم يختلط بأهله، يلتقي براوي الحديث الذي لم يلتقي به قط في حياته من قبل، يسأل أهل البلد الذي سافر إليه والذين لا يعرفهم البخاري أيضاً, يسألهم عن الراوي ورأيهم فيه، فإن ارتاح قلبه لما سمعه عن الراوي ولمن سمع منهم عنه، دوَّن الحديث، وإلا تركه.
ولصعوبة الوثوق بغرباء لا يعرفهم، فقد ترك البخاري 99 حديثاً من بين كل مائة حديث قد سمعه؛ لأنَّ البخاري أو غيره ليس فقط يحتاج لأن يرتاح قلبه ويثق في صاحب الرواية، وإنما يحتاج للثقة والارتياح لشهادة الآخرين الذين يعرفون الراوي ويعرفون مدى صدقه وأمانته وقدرته على الحفظ.
وهذه طبعاً طريقة بدائية بسيطة تتناسب مع بساطة العصر الذي عاشوا فيه وكان بالطبع عمل عظيم في حينه رغم أدواته وطريقته البدائية. المهم في هذه النقطة هي أنَّ الغالبية العظمى من المسلمين لا يعرفون أنَّ عملية الجمع التي قام بها أصحاب الكتب الستة كانت تعتمد على طرق بسيطة بدائية تتناسب مع أدوات عصرهم.
إما أن يجلسوا في مجلس أحد الفقهاء و يدونوا ما يرويه لهم من أحاديث وأسانيد مما جمع الفقيه نفسه، أو أن يسافروا على ظهور الجمال للوصول لمن قيل أنهم يحفظون رواية منسوبة لرسول الله.
الخلاصة هي أنَّ كل النقاط أعلاه هي حقائق مهمة وبالغة الأهمية ليس لكونها حقائق فقط، بل لكونها حقائق غائبة.
الغالبية الساحقة من المسلمين لا يعرفون معظم هذه الحقائق بخصوص الروايات وطريقة وصولها إلينا، ومن جانب آخر, فإنَّ هذه الحقائق تشرح السبب وراء أنَّ كل فقهاء السلف والخلف بدون استثناء يعتبرون كل روايات الأحاديث حديثاً حديثاً ... على بكرة أبيها ظنية الثبوت. وظنية الثبوت تعني أنه كل الأحاديث حتى التي يضعونها تحت تصنيف صحيحة، يُظن أنَّ النبي قالها. أي أنه لا البخاري ولا مسلم ولا الترمذي ولا أي فقيه من فقهاء السلف والخلف يجزم بأنَّ ألنبي بالفعل قد قال الحديث. هذا ليس كلامي، بل كلام كل فقهاء السلف والخلف يضعون الأحاديث كلها تحت وصف ظنِّي الثبوت أي أنه يُظن بأنَّ النبي قاله.
والآن التحدي مفتوح للقلة المعترضين بأن يأتوا بالدليل العلمي الصريح الذي ينفي أي من النقاط أعلاه من النقطة (أ) إلى النقطة (ز).
بمعنى آخر، #من يقول أنني كذبت وأنَّ الأحاديث ليست مروية بسند سلسلته هي حي يروي عن سلسلة من الأموات بسبب انقطاع التدوين، فليتفضل ويأتِنا بحديث سنده حي يروي عن سلسة أحياء. أي يثبت أنه لم يحصل انقطاع في التدوين بين زمن حصول أحداث الرواية وزمن تدوينها.
#من يقول بأنني كذبت بنفي تدوين أصحاب النبي للحديث وأنَّ أصحاب النبي كان لهم مدونات حديث، فليتفضل ويأتِنا بحديث واحد فقط سنده رجل واحد وهو أحد أصحاب النبي.
## من يقول أنني كذبت عندما قلت أنَّ النبي نهى عن تدوين الحديث، فليتفضل ويقدم لنا صحابي واحد دوَّن الحديث والذي ثبت تدوينه بوجود ولو حديث واحد ليس في سنده إلا ذلك الصحابي.
## من يقول أنني كذبت بوجود انقطاع يصل لقرون بين زمن تدوين الروايات في الكتب الستة وزمن حصول إحداثها زمن حياة النبي، فليتفضل و يقدم لنا زمن ولادة ووفاة كل مؤلف من مؤلفي الكتب الستة؛ ليثبت أنهم يبتعدون سنوات عن زمن النبي وليس قرون كما هو الحال في الحقيقة.
## من يقول أنني كذبت عندما قلت أنَّ زمن التدوين كان يعج بالروايات المختلقة والموضوعة بشكل رهيب، فليتفضل ويقدم لنا دليل يثبت أن زمن التدوين كان ينتشر فيه الحديث الصحيح بشكل أكبر من الأحاديث الغير صحيحة أو الموضوعة.
## من يقول أنني كذبت عندما وصفت طريقة جمع الأحاديث بأنها بسيطة وبدائية، فليتفضل ويقدم لنا الأدوات العلمية المعقدة التي استخدمها جامعوا الحديث في عملية الجمع المعقدة حسب الزعم.
هذا تحدي مفتوح للأقلية من إخواننا المعترضين. حاولوا أن تجربوا طريقة غير السب والشتم والتكفير لكي نستفيد جميعاً، فربما نكون نحن على خطأ و نتوقف عن نشر الأكاذيب إن احترمتم شرع ربكم بالتحلي بحسن الخلق لكي نصدق أنكم بالفعل غاضبون لله وليس لأنكم تسمعون ما يخالف ما وجدتم عليه آبائكم.
وإلى هنا نكون قد وصلنا لخاتمة هذا المقال المفصَّل بخصوص بعض الحقائق عن طريقة وصول المرويات إلينا.
إننا بالطبع لم نصِل لنتيجة بعد في مرحلة جمع الحقائق قبل أن نضع قواعد لمنهجية التعامل مع الروايات، ولم نقدم أي توصيات، ولم نقول اتركوا السنة أو انكروا الأحاديث. عندما نصل لمرحلة من الفهم لمعظم الحقائق المرتبطة بالأمر سوف نعرف كيف نتعامل مع الروايات و الأحاديث بشكل أفضل.
لكن كما ترون، انطلق المقلدون لما وجدوا عليه آبائهم يكفِّرون ويسبون ويشتمون ويتهموننا بأننا ننكر السنة في حين أننا لم نصل حتى لوضع أول قاعدة من قواعد التعامل مع الروايات. هذه هي ضريبة السير في طريق الحق وترك سياسة السير مع القطيع. هذا هو ثمن التغيير، لأنها #السعادة في الدنيا والآخرة، لذلك هي تستحق .... فتابعونا.
هذا المقال يمكن أن يجعل غير المتخصصين يشكون في صدقية الروايات، لكن المتخصص يشعر أنكم لا يفهمون بشكل كامل الطريقة التي جمعت بها الأحاديث، لو كان كذلك لتحدثتم عن أمثال الزهري ومالك ووكيع والشعبي وشعبة... فهؤلاء هم جامعوا الأحاديث الحقيقيون، وليس البخاري وطبقته ممن وجدوا أغلب الأحاديث جاهزة، وكان جمعهم الأحاديث هو بحث عن علو الأسانيد والاستكثار من الطرق، وإلا فجمع الحديث قد بدأ مع بداية المائة الثانية
ReplyDelete