مقال تمهيد محور فهم النفس للوصول للسعادة
كنا منذ يومين قد طرحنا فكرة كيف يمكن تدريب عقولنا على استخراج شعور السعادة من القلب. وبيَّنا حينها أنَّ الخطة تعمل على محورين:
المحور الأول: هو تعليم العقل أنَّ يفعل شيء بشكل متكرر بحيث يتحول مع الوقت لعادة إيجابية مكتسبة.
المحور الثاني: هو التعرف أكثر على أنفسنا وكل ما حولنا في خطة تعليمية تزيد من قدرة العقل على فهم الأمور على حقيقتها.
وكما لاحظتم، فقد تناولنا المحور الأول ولخَّصناه وراجعناه. وأتصور أنَّ كثير منا الآن قد بدء بالفعل في التدرب على تعليم العقل كيف يكتسب عادة نافعة مثل التعوُّد والقدرة على استحضار مشاعر الطمأنينة والسلام مع كل شيء يحصل في حياتنا حتى لو كان مصيبة. الآن قد آن الأوان لننطلق للمحور الثاني ونبدأ في فهم أنفسنا وكل ما حولنا. وأتصور أنَّ الفهم هنا يتطلب الكثير من المعرفة لندرك الأمور على حقيقتها.
هذا المحور شاق وطويل ولكنه مهم جداً وسوف ينتج عنه تغيير جذري في حياتنا لأننا سنكتشف مع بعضنا أنَّ 90% أو أكثر من مشاكلنا نحن من صنعها لأننا لم نفهم أنفسنا، ولا ما حولنا بناءاً على بحثنا وفحصنا، وإنما اجتررنا تعريف كل شيء من آبائنا الذين اجتروه من أجدادنا، الذين اجتروه من آباء أجدادنا، وهكذا دواليك.
للأسف لا غرابة في أنَّ حالنا كله بؤس، وأنَّ السعادة تجد الكثير من المعوقات في طريق استدعاء عقولنا لها من قلوبنا. السعادة هي بداخلنا ولكن نحن من تاه عنها وليست هي من تاهت عنَّا.
اليوم سيكون تمهيد فقط على أمل أن نبدأ من الغد إن شاء الله في مشروع المحور الثاني بفهم أنفسنا ومن حولنا. وسنبدأ برسم خارطة لهذه المهمة الشاقة والتي أرجو أن تتسع صدوركم لها. ولأنَّ ما سيتم عرضه في الأيام القليلة المقبلة سيكون في غالبه مفاهيم جديدة لم نسمعها أو ربما بعضنا سمع عنها بشكل مختلف عن طرحنا الذي سنطرح، فإنَّ خطتنا ستكون هو أن نعرض مسلَّمات عقلية وظيفتها أن نجعل العقل هو سيد الموقف وليس عواطفنا. فمعظم ما سنتناوله في الأيام القادمة بإذن الله قد لا يتفق مع عواطف البعض، ومع ما خزنته عقولنا الباطنة على مدى سنين أعمارنا. ولهذا، كان يجب أن نتبع استراتيجية تدريب العقل على استدعاء المنطق للحكم على الأشياء، وتجنب استدعاء العاطفة وما تعوَّدنا عليه لتقييم الأفكار التي تُعرَض علينا.
تذكروا أنَّ نمط حياتنا وتفكيرنا كمسلمين هو في معظمه مليء بالكثير من معوقات النجاح ومنها معوقات النجاح في أن نصبح شعوب سعيدة. فلا تتخيلوا أنَّ تتغير حياتنا للأحسن بالاستمرار في فعل ما فعلنا وما زلنا نفعل على مدى عقود طويلة. تذكروا أنَّ هناك قاعدة وقانون من قوانين الحياة يقول ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) فلن تتغير حياتنا للأفضل إلَّا إذا غيرنا نمط تفكيرنا ورؤيتنا للأشياء بشكل أفضل. وأوَّل ما نريد أن نراه بشكل صحيح هو أنفسنا.
ترقبونا فالقادم أصعب. لكنَّ #السعادة غالية وليست سلعة رخيصة، فتابعونا.
No comments:
Post a Comment